خلق فسوى ، قدر فهدى ، أعطى فأغنى ، نعمه لا تعد ولا تحصى ، سارية بالليل والنهار ، في كل مكان وزمان ، لاتنضب ، ولاتنتهي ، تتجدد مع إشراقة كل صباح ، مع إطلالة بدر كل مساء ، بل في كل لحظة وحين ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
من تلك النعم نعمة تفضل الله بها ، فوهبها كل مخلوقاته دون استثناء في : بره ، بحره ، جوه .
هي نعمة في قانون البشر لا تقبل القسمة ، لاتؤخذ، لاتعطى ، لا تصادر أو تقصى ، لايتفرد بها الذكر دون الأنثى ، ولا الكبير دون الصغير ، ولاالغني دون الفقير ، ولا الإنسان دون غيره من مخلوقات الله، فهي حق مشاع ، ونقطة قوة وحماية تكفل لكل مخلوق على وجه الأرض حقوقه ، وكل ما وهبه الله فلايسلب منها شيء ولاتخترق أسوارها .
إنها الحرية ، وما أدراك ما الحرية ؟؟!!
فهي ليست متاعاً بالياً ، أو كأي كلمة عابرة في المحيط ، في الصحاح ، أو في لسان العرب ، بل هي : فعل ، قول ، ثم سلوك مترجم على أرض الواقع تبنى على ضفافه حياة سعيدة لكل مخلوق من خلوقات الله ،وليس الإنسان فقط ؛ لأن الجميع يسعى للحرية ، ويكافح بكل قوة وحزم وعزم للوصول لها .
مظاهر هذه الحرية تشرق شمسها ، ويسطع بدرها ، في كل شيء من حولنا
في الإنسان ، الحيوان ، حتى النباتات .
فالإنسان يسعى لحريته في حدود مأطرة معطرة بحدود الله . " تلك حدود الله فلا تعتدوها "
الطيور تسعى لحريتها فتجدها تمانع عندما يراد سلب حريتها منها ، وتشدو و تغرد، وتمرح عندما تعطى حريتها، وترى الدلافين تقوم بحركات بهلوانية داخل مملكتها في بحار أو أنهار ،وما هذا إلا تعبير عن الحرية، وتشاهد الأسماك والحيتان تمرح في أعماق البحار بين شعابها ومرجانها ،وهذا مؤشر صريح يوحي بحصولها على حريتها، وترى ...وتشاهد ... وتلحظ.... كل المخلوقات تمارس أنشتطتها بحرية تامة دون قيود ، أو وصاية من أحد هي ملك لها وحدها وهبها الخالق إياها .
وفي وقتنا الحالي ، ومايعيشه العالم من اضطراب وعدم استقرار؛ بسبب جائحة كورونا ، فقد شلت الحركة ، ومنع السفر ، وشددت قيود الحظر المنزلي ، فكل قابع في بيته ، فهل شعر كل فرد على وجه البسيطة بقيمة الحرية ؟؟!!
رغم أنها مؤقتة بإذن الله ، ورغم وجودهم ولله الحمد في بيوت مكيفة وقصور فارههة ، آكلين وشاربين من كل ما لذ وطاب بفضل الله.
لا شك أن الكل شعر بقيمة الحرية، وأدرك أنه قد ارتكب خطأً كبيراً عندما سلب حرية الطيور ، وسائر الحيوانات ،بحبسها في أقفاص
أو أحاطتها بأسوار ؛ بحجة هواية عقيمة ، أو استثمار مآله الخسران بعمل حديقة حيوان ، أومجمع ترفيهي .
من اليوم نأخذ عهداً على أنفسنا بعدم المساس بحرية أي مخلوق من مخلوقات الله الخالق العظيم ، ونقول بصوت واحد : غردي أيتها الطيور ، وامرحي أيتها الكائنات فأنت حرة طليقة ، كل أرضٍ أرضُكِ وكلُّ سماءٍ سماؤك ، وكلُّ البحارِ والأنهارِ مشاعةٌ لَكِ .
ونردد :
رفع الحظر عنك فماذا تحذري؟!!
رفع الحظر عنك فماذا تحذري ؟!!