من أجمل ما في هذه الحياة أن يرزقك الله بوالدتين؛ الأولى هي أمك الحقيقية التي ربت ورعت وتعبت وضحت، ووالدة أخرى قريبة لأمك أرضعتك وأعطتك من حنانها وطيبتها وكرم أخلاقها الكثير والكثير.
وهذا ما حدث لي عندما فجعت بأمي من الرضاعة سارة بنت محمد الشايق رحمها الله وأسكنها فسيح جناته. فقد كانت السلام والطهر والنقاء والطيبة والحنان لا يمكن أن تراها إلا وهي مبتسمة مرحبة عطوفة متسامحة محبوبة من كل من يتعامل معها من أقارب أو معارف أو جيران.
عاشت أم عبدالرحمن حياتها مكرسة جهدها لبيت زوجها محمد بن عبدالرحمن بن نفيسة رحمه الله، وكذلك تربية أولادها وكان بيتها مفتوحاً تتقبل بكل أريحية وحب بساطة الأطفال ومتطلباتهم وكان لي الشرف الأخذ من حنانها وطيبتها إذ كنت أقضي طفولتي بحكم القرابة بين بيت والدتي وبيت زوجها عم الوالدة رحمه الله خصوصاً في إجازة نهاية الأسبوع.
إن فراق أم عبدالرحمن مؤلم جداً وما أصعب أن نرى مكانها فارغاً وجلستها خالية مفتقدين حديثها النقي وابتسامتها المتفائلة وسؤالها وحرصها والسؤال عن الجميع والاطمئنان عليهم وكلماتها الداعمة والمشجعة لأي نشاط يقدمها أحد من العائلة والمعارف.
كانت أمي سارة بعيدة عن الشخصية المتطلبة الناقدة وحتى عندما أتأخر بالاتصال والسؤال والزيارة كانت توجد العذر لنا: فالله يعينكم وأنتم مشغولون وعلى أجر بحول الله.
هذه هي كلماتها نقاء وطيبة مثل شخصيتها المسالمة الصافية الطاهرة ومثل شخصيتها المحبوبة من الجميع.
رحم الله أم عبدالرحمن رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته وأحر العزاء لأبنائها، وإلى والدتي الغالية التي فجعت بوفاة صديقتها ورفيقة دربها في مثل هذه الظروف الصعبة.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».